في شهادة مروّعة تلقي الضوء على جزء من الويلات التي تتعرض لها النساء في ليبيا، التقى فريق مهاجر نيوز خلال زيارته مدن جنوب تونس بأمينة التي تبلغ من العمر 33 عاما والمتحدرة من ساحل العاج. المرأة الأفريقية روت تفاصيل ما عانته في مراكز احتجاز المهاجرين في ليبيا لأشهر طويلة، قبل أن تتمكن من الهرب وينتهي بها المطاف في تونس حيث تعيش حاليا مع ابنتها التي أنجبتها من رجل اغتـ صبها في مركز احتجاز.
الاغتـ صاب، والمتاجرة بنا وبيعنا بمبالغ مادية من رجل إلى آخر، هذا كان جزءا مما عشته في ليبيا لمدة عامين، مررت خلالهما بتسعة مراكز احتجاز، وتعرضت للسجن لنحو سنة وأربعة أشهر.
غادرت ساحل العاج منذ 4 سنوات بعد أن قُتل زوجي في نهاية عام 2015 (بسبب مساندته للرئيس السابق لوران غباغبو). كنت مجبرة على ترك أولادي الأربعة عند والدتي. هربت أنا وأختي الأصغر سنا إلى مالي.
بقينا هناك حوالي عام ونصف، لم أكن أرغب في الابتعاد عن أولادي لذلك قلت لنفسي، إن البقاء في مالي كان خيارا جيدا. لكن الحرب اشتدت هناك ولم نعد في مأمن فقررنا الذهاب إلى الجزائر. كنت أريد البقاء والعمل في الجزائر، فقد كان بوسعي الذهاب كل فترة إلى مالي ورؤية أولادي. لكن في أحد الأيام قبضت علينا الشرطة الجزائرية ورحّلتنا قسرا إلى أغاديز. ومن هناك لم يكن أمامي أنا وأختي من مهرب سوى لييبا.
سكب حمض الأسيد على الرجال واغتـ صاب النساء
وصلنا إلى مدينة الزنتان عام 2019، وهناك احتجزنا مهربون وباعونا مقابل مبلغ مادي إلى سجن في مدينة سبها (وسط). بقينا هناك ستة أشهر.
كل صباح، كنا نرى جثـ ثا لنساء ورجال قتلوا على يد الحراس.
كان علينا دفع ألف يورو للخروج من مركز الاحتجاز، لكن الرجال الذين لم يكن لديهم هذا المبلغ تعرضوا للتعذيب: سكب الليبيون حمـ ض الأسيد (مادة كيميائية تسبب حروق شديدة) على أجسادهم وكانوا أحيانا يعرضونهم للتعذيب بالصدمات الكهربائية ويغتصبون النساء.
ذات ليلة، كنا حوالي 100 شخص، تمكنّا من الفرار بينما كان الحراس نائمين. ركضنا إلى الخارج مسرعين ومضى كلّ منا في سبيله. أثناء هروبنا في الشوارع فقدت أختي.
التقيت لاحقا بسبع نساء، نمنا في أرض تابعة لموقع بناء. أعتقد أنني كنت حاملا حينها. في اليوم التالي، ذهبت النساء الأخريات وجاء رجل أفريقي من غينيا قدم لي المساعدة واستضافني في بيته.
ولدت ابنتي عائشة في سجن تاجوراء
مرت الأيام وأنا أبحث عن أختي. قررت الذهاب مع هذا الرجل إلى طرابلس علّني أجدها. بقينا هناك عدة أشهر.
احتجزت مرات عدة في طرابلس. كنت أهرب أحيانا وأحيانا أخرى يدفع الرجل الغيني بعض المال لإخراجي.
في سجن عاشوراء ولدت ابنتي عائشة. كان الحراس هناك يضربوننا ويضعونا في زنازين في طابق سفلي لا يدخله الضوء. يخرجونك أحيانا من الزنزانة ويغتـ صبونك في الخارج. يضحكون أمام الرجال الآخرين، يمر العديد منهم الواحد تلو الآخر. اغتصـ بت عددا لا يحصى من المرات.
عندما أتحدث عن ذلك، يبدو الأمر وكأنني أعيش المشهد نفسه مرارا. وعندما أفكر في ذلك أرغب في الموت.
كنت نشرت صورة أختي على فيسبوك علّني أجد أخبارا عنها. علمت فيما بعد أنها في أحد السجون، وبعد سبعة أشهر أطلق سراحها أخيرا وبدأت هي بالبحث عني ونشرت أيضا صورتي على فيسبوك.
ذات مساء رأيت صورة أختي. لم أكن أصدق أنها على قيد الحياة. لحسن الحظ كان الرجل الغيني الذي يساعدني يعرف الأشخاص الذين استضافوها. اتفقنا أن نلتقي في طرابلس، وعندما رأيتها عانقنا بعضنا وبكينا طويلا.
سبحت إلى القارب وأنا أحمل الطفل. كدت أفقد أنفاسي
أمضيت بعد ذلك شهرين أو ثلاثة في سجن قرب طرابلس. لكن في المرة الأخيرة قلت لنفسي، إن البقاء هنا مستحيل، فاق الأمر طاقتي على التحمّل.
في ليبيا وإن لم تفكر في الهجرة، ستقوم بذلك للفرار من جحيم البلاد. ساعدني صديقي على جمع مبلغ من المال لعبور البحر. كنا متعبين، لم أستطع البقاء. فضلت الموت في البحر.
حان موعد الرحيل من شاطئ الزاوية (شمال غرب)، كنت خائفة للغاية، وفقدت الرغبة في عبور البحر. لكن لم يكن هنالك خيار. أطلق أحد الليبيين النار في الهواء لإخاقتي وإجباري على الصعود. كنت مع أختي وولديها و70 شخصا على متن القارب.
صعدت مجبرة، وأمضينا نحو أسبوع في البحر، كنا نشعر بالجوع والعطش. في أحد الأيام تسربت المياه إلى القارب وسقطت في البحر مع طفل شقيقتي البالغ من العمر شهرين. رفعت يدي في الهواء بينما أحمل الطفل. سبحت إلى القارب، كدت أفقد أنفاسي. ساعدني بعض الركاب الآخرين على الصعود مجددا.
جاء خفر السواحل التونسي أخيرا، لكنه أعادنا إلى تونس. كان ذلك في 31 تموز/يوليو 2020.
لم أحصل حتى الآن على حياة مستقرة. أحاول العمل في تنظيف المنازل في تونس لجني بعض المال، لكننا نعاني الكثير وأحيانا نعمل من دون أجر. أتمنى أن أتمكن يوما من الوصول إلى أوروبا والتخلص من هذا الجحيم.
تعليق واحد