بحيرة طبريا: بين جمال المكان وحذر التجوال
بقلم: طارق محمود بصول – مختص بمجال الجغرافية، التاريخية والسياسية للبلدات العربية
تزامن كتابة هذه السطور مع الحادثة التي قرعت اذاننا ووسائل الاعلام منذ يوم الجمعة 22 تموز 2022، اختفاء الشاب المحامي رائد محاميد ابن مدينة ام الفحم. سائلين الله سبحانه وتعالى ان تنجح فرق الإنقاذ الرسمية والغير رسمية في ايجاده بأسرع وقت.
تقريباً كل عام نسمع عن حادثة غرق تحدث في بحيرة طبريا، هذه البحيرة التي لم تُعد بالأساس للسباحة، بل انها موقع جغرافي من اجل تربية الأسماك ومصدر مياه أساسي. في هذه المقالة سوف نتطرق لهذا الموقع الجغرافي، من حيث تكونه، ميزاته ومن ثم الاعراج على طرق وقاية المُستجمين الذين يصلون الى المكان ويمارسون رياضة السباحة.
تكون البحيرة وموقعها الجغرافي
تكونت بُحيرة طبريا قبل حوالي 15 ألف سنة، أي بعد اختفاء بحيرة اللسان (تكونت بُحيرة اللسان بعد الشق السوري الافريقي، وامتدت من شمال بحيرة طبريا حتى جنوب البحر الميت) بعد تكون الشق السوري الافريقي الذي تّكون قبل حوالي 20 مليون سنة، نتيجة إزاحة عكسية بين الالواح التكتونية (صفائح صخرية) اللوح العربي الهندي/ الاسيوي (التي تقع عليه اليوم الأردن، سوريا) واللوح الافريقي (التي تقع عليه بلادنا)، بحيث تحرك اللوح العربي نحو الشمال. منذ بداية الازاحة حتى يومنا تحرك اللوح العربي نحو الشمال مقدار 105 كلم، أي مقدار 1.8 سم كل سنة. خَلف تكّون الشق السوري الافريقي ظواهر جيولوجية أخرى؛ انكسار، خلع وحركة تباعدية بين اللوح العربي والافريقي أدى الى قعر جيولوجي يُسمى اليوم بحيرة طبريا.
تقع بُحيرة طبريا على ارتفاع 209 م تحت سطح البحر الأبيض المتوسط، يصل عُمقها حوالي 44 متر، طولها من الشمال الى الجنوب 22 كم، ومن الغرب الى الشرق 12 كم، مساحتها 170 كم مربع وتتسع الى حوالي 4،2 مليار مكعب من المياه.
الاخطار التي تواجه ممارسي السباحة والمُستجمين
أ) عوامل داخلية/ جيولوجية: وفق ما ذكر أعلاه فان البحيرة تكونت نتيجة عمليات تباعد وانكسار جيولوجي، وهذا أدى الى وجود أعماق غير تدريجية في البحيرة، بمعنى الانتقال من مكان الى اخر داخل البحيرة حاد ومفاجئ، فقد يكون المُستجم بمكان مُعين على عُمق متر واحد وينتقل مرة واحدة الى أعماق تصل الى خمس، ستة او سبعة امطار، الامر الذي يُربك المُستجم او الشخص الذي يمارس السباحة ويدخله في حالة من الضغط وفقدان السيطرة وبالتالي الى الغرق.
ب) عوامل خارجية/ جيموفولوجية: بالإضافة الى العوامل الداخلية تتعرض بحيرة طبريا الى عوامل خارجية أخرى تجعلها أكثر خطورة. نتيجة موقعها الجغرافي 209 م تحت سطح البحر الأبيض المتوسط يجعها هدفاً للتيارات الهوائية القادمة من البحر بالتحديد في ساعات بعد الظهر، هذه التيارات تصل من البحر الأبيض المتوسط وعند وصولها الى جبال الجليل ترتفع الى الاعلى وبعد ذلك تنخفض بسرعة نحو بُحيرة طبريا، مع وصولها الى البحيرة تُصبح حركتها بعكس عقارب الساعة وتُسمى دوامات، عبارة عن كتل هوائية مائية سريعة تدفع الى جوف البحيرة، سرعتها هذه تُعيق حركة ونشاط المُستجم (طبعاً المقصود الذي يمارس السباحة في داخل البُحيرة) ويشعر في حالة من الهلع ويفقد السيطرة ويُصبح فريسة بين انياب هذه التيارات التي تدفعه الى الغرق.
ج) تدخل الانسان في الطبيعة: نتيجة العدد الكبير من المُستجمين الذين يقصدون البحيرة، قسم منهم وللأسف يقومون بألقاء النفايات في البحيرة، الامر الذي أدى الى تلويثها ورفع كثافتها وصعوبة الرؤية في جوفها. مما يُعيق امام الغواصين او فرق الإنقاذ الذين يسعون في البحث عن الأشخاص الذين غرقوا في البحيرة.
وسائل الوقاية والحذر في التجوال
تُعد بحيرة طبريا هدف السياح، كونها منتجع سياحي طبيعي، بالإضافة الى كونها مكان مُقدس لدى الطائفة المسيحية، فقد مكث بها سيدنا المسيح فترة وجيزة من حياته، هنالك ممن يرغبون بممارسة السباحة في البحيرة، وقد تتحول هذه الممارسة فيما بعد الى غرق. من هنا نشير الى بعض وصايا الحذر والوقاية التي قد تكون بنية تحتية خصبة لإنقاذ حياة بعض ممن يمارسون السباحة في البحيرة.
أ) السباحة على مسافة قريبة من الشاطئ، والاهتمام باختيار اماكن سباحة أُعدت لذلك؛ من حيث تحديد نفوذها، وجود منقذ سباحة في المكان.
ب) لمن يُجيد السباحة، عند التعرض الى دوامات بحرية العمل معها بهدوء وعدم مقاومتها، والاهتمام بالابتعاد عن مسارها وعدم رفع اليدين الى الأعلى. طبعاً انا غير منقذ سباحي وليس لدي المعرفة الكافية في هذا المجال، لهذا انصح كل من يُريد ممارسة السباحة في البحيرة التوجه الى من هو مُختص في الدوامات والتعرف على طرق الوقاية منها.
ج) من ناحيتي، اوصي بعدم ممارسة السباحة في بحيرة طبريا او البحر، وعلى كل من يرغب في ممارسة السباحة التوجه الى برك سباحة مغلقة.
منقول : بكرا
تعليق واحد